صدر العدد الاول فى يناير 2010
"بوابات
الذل والجحيم"...
الاديب نصار ابراهيم |
الاصدقاء الاعزاء:
قراء لمبه سهارى اليوم الجمعة هو يوم
الغضب
الفلسطينى العربى تجاه دولة الاحتلال
الاسرائيلية . والسبب هو وضع
بوابات امن وتفتيش على مداخل المساجد
والكنائس .. تناول الكثيرون هذا
الموضوع ولكن عتالوا نقرأ للكاتب الكبير
الصديق نصار ابراهيم
القضية ليست المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة فقط...!
بقلم: نصار إبراهيم
"أولاد القحبة لا أستثني منكم أحدا... !".
تعلو اليوم أصوات البعض احتجاجا ورفضا للبوابات الإليكترونية التي
يقيمها الاحتلال على مداخل المسجد الأقصى... وكأنها بوابات طارئة ومفاجئة...أو من
خارج السياق...
ردود الفعل هذه (على أهميتها المباشرة) تعكس نوعا من السذاجة والغباء
السياسي، فكيف يتخيل عاقل أن تنتشر في حياة وواقع ويوم الفلسطيني كل هذا الجحيم من
الحواجز والبوابات ومن كل الأنواع .. ثم نعتقد أنها لن تصل إلي المساجد
والكنائس...!!!!؟
فقط لنتأمل الصور والمشاهد... لنشعروا بحجم المهانة والإذلال...
غابت بيارات البرتقال .. وأشجار الزيتون واللوز والرمان... وانتشرت
مكانها بوابات الذل الأسمنتية والحديدية والإليكترونية، الثابتة والداورة التي
يطلق عليها الفلسطينيون البسطاء الفقراء في سخرية مرة وحزينة "معّاطات
الجاج".
كم هو شاسع وعميق هذا الإذلال...
حواجز... بوابات حديدية، كتل اسمنتية، جدران، أسلاك شائكة... جنود
وبنادق... لا تستثني أحدا.. لا طفلا ولا امرأة أو رجلا... لا شيخا ولا شابا أو
شابة... "بوابات" لا تنام تعمل على مدار الساعة.. في الليل وفي النهار،
مع الفجر وحتى المغيب، في الشتاء والصيف...
من ينظر في أعماق عيون امرأة فلسطينية أو رجل وهو يسير محني القامة
والهامة أمام جندي عابر وتافه.. سيشعر بهول اللحظة..
يتحدثون عن الأقصى وكأنه خارج فلسطين.. وكأن الاحتلال سيحترم المسجد
الأقصى أو كنيسة القيامة فيما يدوس كرامة الفلسطيني على كامل مساحة الوطن...
يتحدثون الآن عن الأقصى فيناشدون، يستجدون، يستنكرون، ينددون، يهددون
ويتوعدون... وكأن ما يتعرض له الأقصى ليس له علاقة بما يتعرض له الفلسطيني في كل
لحظة...!!!
والحقيقة البديهية هي انه لم يكن ممكنا أن يجرؤ الاحتلال على التطاول
على الأقصى ودور العبادة لولا أنه تمرن وتمرس في إذلال وحصار للفلسطيني... لقد عود
الجميع على هذا الواقع وكأنه ثابت وحقية...فمن يقبل كل هذه الحواجز والجدران
والبوابات المهينة ... كان عليه أن يدرك بانها ستزحف كالأفعى حتى تصل إلى أقدس
الأقداس..
الحقيقة البديهية أنه لا كرامة لأي مكان مقدس بدون كرامة الناس...
فالمسجد أو الكنيسة ليسا مجرد حجارة ومآذن... بل هما روح الناس ووجودهم الحر
فيها.. ومن لا يدافع عن روح وكرامة الناس عليه أن يدرك بأنه سيصل إلى اللحظة التي
سيتجرأ فيها الاحتلال على كل شئ... بما في ذلك الأقصى والقيامة وغيرهما...
هي القدس... محاصرة منذ سنوات بعيدة، فما الفرق بين بوابة إليكترونية
تقام على مداخل الأقصى... وتلك التي تحيط بكامل مدينة القدس من جدران وبوابات
وأسلاك شائكة وبنادق...!؟.
كم هو واهم من يعتقد أن الأقصى سيكون حرا فيما القدس محاصرة...!؟
يقف الفلسطيني عند ألف حاجز وحاجز... تحرقه الشمس... يشرب عرقه
المالح مختلطا بدموع القهر... يرتجف في البرد والرياح.. ثم تأتيه الخطابات المعلبة
الباهتة عن الاستقلال والسيادة وحقوق الإنسان...
أحيانا أتساءل كيف تم اختزال فلسطين والقدس في مسجد أو كنيسة رغم كل
رمزيتهما ودلالاتهما...!؟.
ما أريد قوله: أن الأقصى والمساجد
والكنائس لا يمكن الحفاظ على كرامتها وحريتها بدون الحفاظ على كرامة وحرية
الفلسطيني كفرد وشعب مقاوم... "هنا الوردة فلترقص... هنا الصخرة
فلتقفز!".
لكم منى تقديرى واحترامى
ولمصر الحب كله .
العربى السمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق