المشاركات الشائعة

الاثنين، أكتوبر 25، 2010

هل نحافظ عليه كما فعلها اجدادنا

 

 نيل اسوان
                                                     نهر النيل





أنعم الله على مصر بالنيل‏،‏ وهو من أعذب الأنهار طعمًا‏، ‏وأجملها منظرًا‏،‏ حتى عَدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنهار الجنة‏، فقال‏: "‏سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة" وفي رواية أنه لما رفع صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى كان من وصفه‏: "‏وإذا أربعة أنهار نهران باطنان‏,‏ ونهران ظاهران‏.‏ فقلت ما هذان يا جبريل قال أما الباطنان‏:: فنهران في الجنة‏، وأما الظاهران فالنيل والفرات" .



يخترق الصخور بينما يسير الهوينا
 واعتاد المصريون من قديم الزمان أن يحتفلوا بفيضان النيل ووفائه‏، وكان لهذا الاحتفال أغراض متعددة‏:‏


‏1- شكر النعمة قال تعالى‏: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، وقال سبحانه‏: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .


  هذا التدفق الا يستحق المحافظة عليه
‏ والماء من أعظم النعم التي منَّ الله بها على الإنسان‏,‏ قال عز وجل‏: {وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} ‏وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ},‏ وقديما بين الفقهاء درجات أفضلية المياه إظهارا لهذه النعمة وامتثالا لعلو شأن الماء في حياة المسلم‏,‏ بل وفي حياة الإنسان عامة‏,‏ فقال ابن السبكي في تفضيل النيل‏:


أفضل المياه ماء قد نبع من بين أصابع النبي المتبع يليه ماء زمزم فالكوثر فنيل مصر ثم باقي الأنهرولذلك قال أهل التجارب والخبرة‏: "‏من أقام بمصر سنة وجد في طباعه وأخلاقه رقة وحسنا‏".


‏2- أن الله سبحانه قد جعل الماء أصل المخلوقات فقال‏: {وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}، وقال تعالى‏: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} ثم أكثر الحاجة إليه‏,‏ وجعله عنوانا للطهارة الحسية والتهيؤ للصلاة بالوضوء أو الاغتسال‏، وأداة من أدوات إزالة النجاسة‏،‏ وأمرنا باحترامه وبعدم إفساده وتلويثه‏,‏إذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم "‏أن يبال في الراكد‏" ،والتبول في الماء الراكد لا يفسده فقط، بل يجعله مستنقعا وموطنا لانتشار الأوبئة والأمراض،‏ ونهى كذلك عن الإسراف في استعمال الماء‏,‏ ولو تعلق الأمر بالعبادة كالوضوء‏, فقد مر صلى الله عليه وسلم بسعد رضي الله عنه وهو يتوضأ فقال‏: "‏ما هذا السرف؟"‏ فقال سعد‏:‏ أفي الوضوء إسراف؟ قال‏: "‏نعم‏,‏ وإن كنت على نهر جار‏" .
 القناطر الخيرية اعظم مشروعات محمد على باشا


‏3- استمر المصريون في ترصد وتخصيص يوم يحتفلون فيه بالنيل عند وفائه‏, واشتهر ذلك اليوم باسم ‏(وفاء النيل‏),‏ وكانت هذه الحفاوة تبدأ في يوم ‏26‏ بؤونة من الشهور القبطية‏، وهو الوقت الذي اعتاد النيل أن يفيض من جانبيه‏,‏ ويستمر في الزيادة لمدة ‏48‏ يوما‏,‏ فيحتفلون في يوم ‏14‏ مسري وهو يوافق عادة يوم ‏20‏ أو ‏21‏ أغسطس باختلاف السنين الكبيسة والبسيطة‏.‏


وفي هذا اليوم ينعقد المجلس الشرعي الإداري لرصد زيادة النيل‏,‏ فإن وصل المقياس إلى ‏16‏ ذراعا فأكثر وجبت الضرائب على المزارعين‏,‏ وإن كانت أقل من ‏16‏ ذراعا عفي عنهم‏.


وكان أهل العلم هم الذين يحكمون بين الحاكم والمحكومين في هذا الشأن‏؛ وظل هذا التقليد في مصر‏,‏ وتولى رئيس المحكمة الشرعية العليا حضور ذلك المجلس إلى أن ألغيت تلك المحاكم ابتداء من أول يناير سنة ‏1956‏ م‏,‏ وآلت تلك الوظيفة إلى مفتي الديار المصرية‏.‏



 النورج من ادوات الفلاح المصرى
 4- ظل مفتي الديار المصرية يحضر هذا المجلس بمقر محافظة القاهرة حتى سنة ‏1972‏م‏,‏ حيث تم بناء السد العالي ولم يعد النيل يوفي بفيضانه‏, فتوقف الاحتفال الذي كان يذكرنا بوجوب احترام النيل‏,‏ وشكر النعمة عليه‏, والعمل على طهارته والاستفادة الرشيدة منه‏,‏ وعدم الاسراف في مائه‏,‏ وعدم التعدي على جماله‏,‏ وإزالة كل ما يضر به من نبات وجزر‏,‏ والضرب بيد من حديد على كل من يرمى بفضلات مصنعه فيه ؛ وكان الناس يتذكرون في مثل هذا اليوم أيضا وحدة دول حوض النيل من منابعه إلى مصبه‏,‏ إلى غير ذلك من المعاني الجليلة التي كادت تنسى‏,‏ ونحن في حاجة إلى إعادتها ونشر ثقافتها بين أبنائنا‏.‏


5- أما خرافة إلقاء عروس في النيل فقد جاءت عن طريق المؤرخ ابن عبد الحكم في القرن الثالث الهجري‏,‏ حيث سمع بعض الإشاعات فسجلها دون سند من الحقيقة أو الواقع‏.‏


6- ولدينا حجة ذلك المجلس المشار إليه سنة ‏1958‏م‏,‏ والتي وقعها فضيلة الشيخ‏/‏ حسن مأمون مفتي الديار المصرية‏,‏ وجاء في مطلعها "انعقد المجلس الشرعي في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الأربعاء الخامس من شهر صفر سنة ‏1378‏ هجرية‏,‏ الموافق ‏20‏ من شهر أغسطس سنة ‏1958‏ ميلادية‏,‏ والرابع عشر من شهر مسري سنة ‏1674‏ قبطية‏,‏ بسراي محافظة القاهرة بميدان الجمهورية برياسة السيد اللواء‏/‏ عبد العزيز صفوت‏.‏ محافظ القاهرة نائبا عن السيد الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة‏,‏ وبحضور حكمدار القاهرة وسكرتير عام المحافظة ووكلاء الحكمدارية وكبار الضباط والعلماء ورجال الصحافة والإذاعة والتجار والأعيان".


 بعد بناء السد العالى لم تعد هنا حاجة لمرصد حلوان
ولا يسعنا في الختام إلا أن نردد ونتأمل ونعلم هذا الجيل والأجيال بعده قول سيدنا عمرو بن العاص في خطابه إلى سيدنا عمر بن الخطاب يصف له مصر ونيلها‏: (اعلم يا أمير المؤمنين أن مصر تربة غبراء‏,‏ وشجرة خضراء‏,‏ طولها شهر وعرضها عشر‏,‏ يكتنفها جبل أغبر ورمل أعفر‏,‏ يخط وسطها نهر مبارك الغدوات ميمون الروحات‏,‏ محمود الذهاب والإياب‏,‏ يجري بالزيادة والنقصان كجري الشمس والقمر له أوان‏,‏ تعظم أمواجه فتفيض على الجانبين‏).‏
عن الاستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية
  اصدقائى الاعزاء  هل نستطيع المحافظة عليه كما حافظ اجدادنا وآباؤنا لا اظن
  ولست متفائلا بذلك  والله لو ان النيل يتكلم لشكانا لطوب الارض
                 مع تحياتى الحزينة واسأل الله ان يهدينا الى سبيل الرشاد .
                                                    العربى السمان
 


ليست هناك تعليقات: