المشاركات الشائعة

الأحد، مايو 10، 2015

( 686 ) الدكتور الذهبى اول شهيد للارهاب سناء البيسى

صدر العدد الاول فى يناير 2010


الشيخ الذهبى اول شهيد للارهاب
الدكتور محمد حسين الزهبى اول شهيد للارهاب 

اصدقائى الاعزاء
  انقل اليكم رؤية الاستاذه الكاتبة الاديبة سناء البيسى  فى مقالها الاسبوعى الذى صار عزيزا ننتظره وننتظر معه اطلالتها علينا فى اسلوبها الشيّق السهل الممتنع حول استشهاد الشيخ الذهبى وزير الاوقاف الاسبق والعالم الجليل على يد الغدر والخيانة والخسةوالنذالة فتعالوا معى لا تفوتكم اللحظة ..
( م ) من يومها أصبح الإرهاب مناخا يسكن أرض مصر، وإن سَكَنَ سنين بقوة القمع، وأطل سنين بحجة التدين، وقبع سنين تحت الأرض، وعندما خرج للنور فى أوان ضعف القشرة الأرضية أطفأ بيده لا بيد عمرو النور فقد اعتاد الظلمات..
 من يوم ما اغتال الإرهاب الشيخ الذهبى أول شيخ أزهرى فى عصرنا الحديث، و
شكرى مصطفى
العقل المدبر لقتل الزهبى 
ضحايا قلة العقل وقلة الدين وقلة الإيمان وقلة المروءة وقلة الوطنية وقلة العلم وقلة الشجاعة وقلة الشرف وقلة الثقافة والأدب يعيثون فى الأرض فسادا حاملين زيفاً لافتات الإسلام،
 حيث كانت لافتاتهم بالأمس «تنظيم الجهاد» و«الناجون من النار» و«الجماعة الإسلامية» و«التكفير والهجرة».. الخ.. لتفرخ اليوم «بيت المقدس» و«النُصرة» و«القاعدة» و«حماس» و«القسَّام» و«داعش» والكل استنساخ من الإخوان أب الضر والضرار والفتنة والنار و.. النار مصيرها إلى هشيم..

عندما أذن فجر الأحد 3 يوليو 1977 لم يذهب جميع الإخوان مدعى الإسلام لصلاة الجماعة، وإنما ذهبت جماعة تكفيرية منهم لتدق جرس الباب على العالِم الشيخ الدكتور محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف وشئون الأزهر الأسبق فى منزله القاطن فى الشارع الترابى المنعزل بحدائق حلوان.. كان شيخنا الجليل قد ذهب إلى الفراش بعد جلسة ودية اعتادها مع الجيران والأهل والأصدقاء فوق الكنبتين البلديتين حول صينية الشاى بالنعناع، وأمام إلحاح الجرس والطرق الشديد فتح الابن الدكتور مصطفى الباب ليفاجأ بخمسة رجال على سيماهم الغلظة أحدهم بملابس رسمية برتبة رائد يسألون عن الشيخ فدعاهم لدخول الصالون، وتركهم ليوقظ الوالد، فإذا بأحدهم يتبعه ليوشك على الدخول معه فذكره بأن للبيوت حرمات.. ويهب الشيخ مستنفرا فى فراشه: خير!!.. فينبئه الابن بأن هناك من ينتظره وربما يكون من مباحث أمن الدولة.. ويتجه الشيخ لزوار الفجر فتمسك ابنته الكبرى أسماء بجلبابه تثنيه عبثا عن الدخول فقد شاهدت الأسلحة تشرئب فى الأيدى هناك.. ويضغط الشيخ على أكرة الباب ليلقى السلام فلا يتلقى من الوجوه المكفهرة رد السلام اللـهم إلا قولهم: عاوزينك برّه فى كلمتين.. فيعجل بقوله: «أنا سبت الوزارة عاوزنى ليه دلوقت سيبونى للصبح»..

 وتتدخل أسماء تطالب بتحقيق الشخصية لكل منهم بعدما تسرب الشك إلى قلبها: «انتم مش شكل مباحث.. اتصل يا مصطفى بمجلس الوزراء وشفهم مباحث ولا لأ، ونادى على جارنا الضابط يشوف لنا حكايتهم».. ويشعر الإرهابيون بموقفهم الحرج فيهجموا على الشيخ يدفعونه أمامهم، ويهدد أحدهم أسماء بالرشاش لتسكت عن صراخها وتترك تشبثها بجلباب أبيها عندما يدخلونه عنوة حافياً منكفئاً فى غياهب سيارة فيات 128 بمحرك دائر تنطلق بركابها، بينما يحاول أحد أفراد الجماعة إعادة تشغيل موتور سيارة أخرى ماركة مازدا تحمل رقم 28793 ملاكى القاهرة للحاق بالركب الطائر ولكن دون جدوى، فيتجمع الأهالى على صراخ الابنة ليبرحونه ضربا بعدما يفرغون إطارات السيارة كلها من الهواء، ليغدو بعدها أحد المفاتيح المهمة للتوصل للجناة، حيث ثبت أنه إبراهيم محمد حجازى عضو الجماعة الإرهابية الذى لم تفلح التحقيقات الأولية معه فى دفعه للاعتراف بأية معلومات تدل على مقترفى حادث الاختطاف الذى لم يتم حتما لغرض السرقة، فالدكتور الذهبى لا يملك ما يطمع فيه اللصوص، ومظهر الثراء الوحيد فى مسكنه المتواضع 

ممدوح سالم رئيس  الوزراء آنذاك 

يتمثل فقط فى مئات الكتب والمراجع التى تسكن الأرفف الزاخرة بالمعارف.. كما أنه ليس للدكتور كما هو معروف أعداء شخصيون، وليس فى حياته ما يشير إلى اشتراكه فى تنظيمات أو أحزاب، كما لم يدخل عمره فى معارك تُجمِّع حوله الأعداء اللـهم إلا معركة فجرها فى وزارة الأوقاف ضد الفساد، وحتى ميقات واقعة اختطافه ــ التى أدت إلى مقتله ــ لم يكن يمتلك قبرا إلا أنه فى الشهر الأخير فكر فى شراء قطعة أرض فى مدافن الإمام الشافعى ليقيم عليها مدفنا للأسرة، وكان الوزير الوحيد الذى ألغى السيارة الاحتياطى المخصصة له من قبل الدولة، وكان يسير فى حياته وفق النصيحة النبوية «وليسعك بيتك» فكان كثير الاعتكاف فى المنزل إلى جوار أبنائه حاملى شهادة الدكتوراه الطبية والعلمية أسامة ومحمد ومصطفى وعزة وفاطمة وأسماء وسعاد.. شيخ عمله الأصلى أستاذ للتفسير بكلية أصول الدين، وأهم كتبه الذى ينطوى على أبرز أفكاره اسمه «التفسير والمفسرون» يتناول فيه مصادر الخرافات والإسرائيليات التى دخلت فى بعض كتب التفسير ــ حيث نجد عنده كمثال فى كتاب الثعلبى فى تفسير بعض آيات سورة الكهف رواية يذكر فيها أسماء الفتية أهل الكهف، بل اسم كلبهم وفيها حوار غريب بين الكلب والفتية ــ ورسالته الكبرى التى وهب نفسها لها كانت إعادة الفكر الإسلامى إلى الطريق السليم بعيدا عن الخرافات بحيث يكون القرآن والسُنّة وحدهما مصدر الفكر الإسلامى، ومن أبرز مؤلفاته «تفسير ابن عربى للقرآن.. حقيقته وخطره» رافضا التفسيرات اللغوية التى تحمِّل القرآن فوق ما يطيق، وكذلك الذين يربطون القرآن بالنظريات العلمية الحديثة، وقد كان الإمام الشيخ محمد أبوزهرة يسمى الذهبى «إمام المفسرين» بينما يطلق عليه شيخنا «جبل العلم»..
 
الدكتور رفعت المحجوب
  رئيس مجلس الشعب الاسبق
اغتالته يد الغدر والارهاب وهو فى اوج مجده 
وقبل أن تأتى ساعة الظهيرة فى يوم الخطف تعلن الجماعة المعروفة باسم «التكفير والهجرة» مسئوليتها عن الحادث وتحدد مطالبها للإفراج عن الشيخ المختطف فيما يلى: «الإفراج الفورى عن أعضاء الجماعة المقبوض عليهم وكذلك المحكوم عليهم فى قضايا سابقة، ودفع مائتى ألف جنيه كفدية، واعتذار الصحافة المصرية عما نشرته من إساءات فى حق الجماعة، وكذلك نشر كتاب شكرى مصطفى «الخلافة» على حلقات بالصفحة الأولي فى الصحف اليومية، وتسليم الطفلة سمية ابنة رجب عمر أحد أعضاء الجماعة المنشقين عليها لأمها التى تمسكت بعضويتها فى الجماعة ورفضت الذهاب مع زوجها فاعتبرت الجماعة الزوج المنشق غير أهل للأبوة ويجب حرمانه من طفلته».. وحتى صدور بيان جماعة التكفير والهجرة لم يكن الأمن يعرف من الذى خطف الشيخ الذهبي، ورحبت الداخلية بالحوار مع الجماعة عن طريق المحامى شوكت التونى الذى قام بالوساطة ليمد من أجل إنذار قتل الشيخ الذهبى من الساعة 12 ظهرا إلى الخامسة مساء، وحول الاستجابة للإفراج عن المحكوم عليهم من أعضاء الجماعة أصدرت الداخلية بيانها بأن المتهمين فى حوزة القضاء وليس لها حكم عليهم، ووافق المهندس عثمان أحمد عثمان ــ صديق الشيخ الذهبى ــ على دفع الفدية لكن ممدوح سالم رئيس الوزراء قال للجميع: «دول شوية عيال وكل شيء سينتهى على ما يرام بعد ساعة أو اتنين بالكتير».. وانقضت مهلة الجماعة الثانية، ولم تبدأ ماكينات الطباعة فى الصحف فى جمع حروف الجزء الأول من كتاب «الخلافة» لأمير الجماعة، وعن طريق المصادفة البحتة مع تكثيف بحث النيابة تجمعت الشكوك حول إحدى الشقق فى مدينة الأندلس بالهرم لتعثر الشرطة على شخصين من أعضاء الجماعة ومدفع رشاش وألف طلقة، وفجأة يدخل شخص ثالث ما أن يرى رجال الأمن حتى يحاول ابتلاع ورقة فى حوزته ثبت أنها رسالة بالشفرة من أمير الجماعة تتضمن الأمر بنقل جثمان الدكتور الذهبى من الفيلا بشارع محمد حسن على عربة كارو بعد إجراء عمليات الإخفاء والتمويه، وزيادة كمية النشادر منعا لتسرب أى رائحة، وبعدها تنقل داخل إحدى السيارات إلى منطقة أبو قتاتة لتلقى فى أحد المصارف، وكان نص الكلمات المشفرة: «تنفيذا للدور الذى كلفتم به نرجو أن تعدو خيشا ونشادر وعربة يد لنقل البضاعة من المكان المعروف إلى ترعة الزمر».. ويتم العثور على الجثمان الطاهر حافياً معصوب العينين بشال أبيض راقدا بجلبابه الأبيض الغارق في الدماء فوق الفراش وبجانبه نظارته الطبية وطلقة رصاص فارغة وأخرى مستقرة فى عينه اليسرى تاركة دائرة محترقة فى نسيج العصابة البيضاء.. وتواصل الداخلية بحثها عن أمير الجماعة ليتم القبض عليه فى الثامن من يوليو أى بعد خمسة أيام فقط من الجريمة النكراء.
ابو الاعلى المودودى  

سقط شكرى أحمد مصطفى زعيم جماعة الإرهاب وعضو جماعة الإخوان المسلمين المولود فى أول يونيه 1942 بأبوتيج خريج كلية الزراعة جامعة أسيوط المعتقل فى عام 65 ضمن الخلايا الإخوانية لتنظيم سيد قطب، حيث كان يقوم بتوزيع منشورات الإخوان بعدما تعرف على كتابات سيد قطب وأبوالأعلى المودوى، وتم الإفراج عنه فى نفس العام ضمن من شملهم القرار السياسى للسادات بالإفراج عمن تبقى فى المعتقل وكان عددهم 118 معتقلا، وأثناء وجوده خلف الأسوار اعتنق أفكار سيد قطب التكفيرية التى نشرها فى كتابه «معالم فى الطريق»، وبمجرد خروجه من السجن دعا إلى الهجرة من مصر إلى أرض اللـه الواسعة، وقد تمكن من ضم أعضاء جدد للجماعة من شتى محافظات مصر، كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل مما مكن لانتشار أفكارهم فى أكثر من دولة.. بدأت قصة القبض علي شكرى أثناء مرور أحد الخفراء بالبر الغربى بمدينة المنيا فى عام 1974 عندما شاهد بمحض المصادفة مجموعة من الشباب يتخذون من منخفض جبلى مقرا لإقامتهم وساحة للتدريبات العسكرية فبادر بإبلاغ الشرطة التى داهمت الموقع لتضبط العديد من قطع السلاح حتى المطاوى والسيوف، وأجرت النيابة التحقيقات مع زعيم الجماعة وفيلسوفها الذى وصف المجتمع بالجاهلية وأنهم يعتزلونه في الصحراء بصفة مؤقتة حتى تقوى شوكتهم للعودة فاتحين، وتكتفى النيابة بتوجيه الاتهام لشكرى وعصابته بتأليف جماعة منظمة تدعو إلى مناهضة نظام الحكم فتصدر الأحكام بالسجن مددا لا تزيد على الثلاث سنوات، هذا بينما أعداد غفيرة من الشباب من الجنسين قد بدأت تكفِّر آباءها وأمهاتها وإخوانها ويتركون منازلهم للإقامة فى أطراف المدن فى غرف صغيرة يستأجرونها، وكان من بينهم أطباء ومهندسون وصيادلة تركوا أعمالهم فى هذا المجتمع الجاهلي، وأخذوا يمارسون مهنا أخرى كباعة جائلين، وإذا ما انشق أحدهم على الجماعة فالويل له حتى قد يصل الأمر إلى التصفية الجسدية.. وليس أبلغ من مأساة الزوج الضحية أنيس عبدالنبى رئيس شئون العاملين بحديقة الحيوان بالإسكندرية الذى قال فى الأهرام: «فوجئت بزوجتى التى ارتبطت بها عاطفيا واجتماعيا وأنجبت منها ابنى أحمد فى عام 1973 تتحجب فى البيت فلم يضايقنى ذلك، ثم بدأت ترى أن عمل المرأة حرام وكانت موظفة بقصر ثقافة الأنفوشى لتساعدنى بمرتبها فى الإنفاق فوافقتها على المكوث فى البيت، ولاحظت بعد خروجى من الجيش أن شقيقها أحد أعضاء جماعة التكفير والهجرة يتردد عليها فى غالبية الأوقات لتقول لى زوجتى فجأة بأنها ستذهب لحضور فرح شقيقتها فوافقت، ولاحظت عند عودتى يومها للبيت أنها أخذت معها طفلنا الرضيع وجميع الستائر والملابس والنقود، ومكثت أنتظرها بلا طائل فذهبت إلى منزل والدها للسؤال عنها ففوجئت بأن حماتى هى الأخرى قد هربت من منزل زوجها، وأخذنا أنا وحماى نبحث عنهما دون جدوي، وفوجئت فى الأهرام بأن زوجتى التى طلقتها غيابيا هى الزوجة الثانية لأمير الجماعة شكرى مصطفى»!!
الدكتور سيد قطب 

الإرهابى شكرى مصطفى مهندس «التكفير والهجرة» ــ الجد الحقيقى الذي أتى من نسله البغدادى الإرهابى الحالى أمير «داعش» ــ الذى زعم فى زمانه بأن صلاة الجمعة لا تجوز لجماعته المسلمة «فإن نودى لصلاة الجمعة من مناد غير خاضع للجماعة وهى غير باسطة سلطانها على المسجد فلا فريضة جمعة، حتى ولو كان المسجد الحرام».. كما جاء قوله بتكفير كل من لا ينضم إلى الجماعة، وبأن الذين حكمت عليهم الجماعة بالكفر حلال دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، كما دعا إلى تحريم طلب العلم وتحريم التعليم حتى فى أدنى صوره إذ يقول: «لقد ثبت أن الأعلم باللـه والأتقى له هو الأقل علما بأمور الدنيا» وقال بأنه المهدى المنتظر الذى سيحرر العالم الإسلامى من العبودية وسيعيد للإسلام مجده وسيقيم الخلافة مرة أخرى، وأفتى بتحريم المرأة التى تدخل جماعته على زوجها لأنه كافر طالما يرفض الانضمام إلى الجماعة مثلها، ومن ثم فإنها لا تحل له من بعد وتصبح فى حكم المطلقة للاختلاف فى العقيدة، ولا مانع من زواج تلك المطلقة من رجل آخر فى الجماعة، وكان من أخطر الآراء التى اعتنقتها الجماعة زعمها بعدم ثبوت القرآن إذ يقول شكرى مصطفى المختل عقليا: «القرآن ليس قطعى الثبوت من الناحية النظرية المطلقة، ولكنه عمليا فى أعلى درجات الثبوت التى تكفى لعبادة اللـه»، وتدعى الجماعة أن زعيمها هو الهادى والخليفة والإمام والحاكم، ويعلل سيادته تلك المنزلة بقوله: «إن اللـه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم فهدانى برحمة منه إلى ما أعتقد أنه دين اللـه، ثم هدى بى من شاء من عباده فاتبعونى ائتمارا بأمر اللـه واعتصاما بحبله»، ومن أفكار الجماعة عدم الخدمة فى القوات المسلحة، بدعوى أن الجيش ينتمى إلى دولة كافرة، وهجرة الطلبة والطالبات لمنازلهم وللدراسة وتزويج بعضهم لبعض زواجا عرفيا لا يشترط معه موافقة الأهل والأقارب، وضرورة التخفى للابتعاد عن أعين رجال المباحث وذلك بحلق اللحية حتى لا يمكن تمييزهم بسهولة، وإنشاء فروع للجماعة بمدن الجمهورية، وقد اكتشفت مباحث الأمن أن غالبية تلك الفروع تتركز فى محافظات الإسكندرية والمنوفية والشرقية والسويس والمنصورة..


يسقط المهدى المنتظر المزيف.. يقبض عليه رجال الأمن فى منطقة مجهولة بعزبة النخل على أطراف المطرية بعد خمسة أيام من مقتل الشيخ الذهبي.. كانت المراقبة على أشدها عندما ظهر الزعيم تصحبه زوجته وابنه.. أحاطوا به فاستسلم فى هدوء ليسأله اللواء النبوى إسماعيل نائب وزير الداخلية وقتها عن معلوماته حول اختطاف واغتيال الشيخ الذهبي، فأجاب بهدوء أنه الرأس المدبر.. «عملية الخطف والإخفاء استغرقت منا جهدا كبيرا، أما عملية القتل فلم تكلفنا أى مجهود»، ويطرق الإرهابى القصير المحتفظ بلحيته الكثة ليردد الآية القرآنية «إنا نحن نرث الأرض ومن عليها، وإلينا يرجعون»، وقد قدم شكرى بأمر السادات للمحاكمة العسكرية بعد القبض عليه بيوم واحد فى 8 يوليو 1977 هو وأربعة وخمسون شخصا معه بتهمة قتل الذهبى أمام محكمة عسكرية، وأصدرت المحكمة فى 30 نوفمبر 1977 حكمها بإعدام شكرى وأربعة آخرين، ومعاقبة 12 بالأشغال المؤبدة وهم مجموعة الخطف، ومعاقبة 7 بالأشغال لمدة 15 سنة، و6 لمدة 10 سنوات، و8 لمدة ثلاث سنوات وبراءة 12 متهما.. وفى 30 مارس 1978 صباح زيارة السادات للقدس تم تنفيذ حكم الإعدام فى شكرى مصطفى وإخوانه الذين قاموا بتفجير بعض دور السينما ــ سفنكس بالدقى ومعهد الموسيقى العربية برمسيس ــ ونذروا أنفسهم لقتل الموسيقار عبدالحليم نويرة وكل من يعمل فى مجال الموسيقى والغناء، وفى النهاية قاموا باختطاف الشيخ الذهبى وقتله عمدًا مع سبق الإصرار والترصد والتآمر بالرصاص..

الإرهابى خريج جماعة الإخوان الذى لا ينتقى من هذا المجتمع الكافر من وجهة نظره إلا شيخا من الشيوخ، وعالما من العلماء ليقتله، والمتأمل لهذا الانتقاء يجده انتقاء نفسيا محضا فقد أفسد الشيخ الذهبى على زعيم التنظيم نشوة حبه للقيادة التى كان يستمتع بها فى كل لحظة، ومن أجل ذلك فإن انتقاءه الشيخ الذهبى لقتله كان بسبب نفسى وهو أن الذهبى قد هزمه فى زعامته بأن فنَّد كتيب «الخلافة» الذى ألفه وأثبت الذهبى أن صاحبه لا يعرف من أحكام الفقه الإسلامى إلا القشور، واقتنع بهذه الآراء عدد ليس بالقليل من أعضاء التنظيم فانشقوا عنه، ولم تقتصر روح شكرى الانتقامية على الشيخ الذهبى فقط وإنما كانت تشمل كل الخارجين عن التنظيم، ومن هنا كان شكرى يعبر عن حالة من حالات عشق التسلط، وأنه كان يقتل كل من يهز زعامته ثم يقوم بالبحث عن الأحكام الفقهية لتغطية جريمته وصبغتها بالصبغة الشرعية، وكان الأعجب من هذا كله أن شكرى مصطفى بنى أسطورته العبثية على رؤية منامية ــ وكأنه نبى يوحى إليه ــ ظل يرددها حتى قبل إعدامه بيوم واحد من أنه سينتصر على الطاغوت وأن الخلافة قادمة لا محالة، وظل يبشر الأنصار بذلك حتى عاشوا هذا الوهم إلى أن كان إعدام المريض النفسى بمرض البارنويا ـ مرض الشعور بالعظمة ــ وهو المرض الذى تسلط بعد ثورة 25 يناير على الإرهابى الإخوانى بالإسكندرية ليلقى بالأبرياء من فوق الأسطح وهو يحمل راية القاعدة السوداء ويسير متخايلا بذقنه الكثيفة وسيفه البتار بمظهر الاعتداد.. وبعدها.. بعدما الأسد أصبح قطاً، والغضنفر صار فأرا.. خلع رأسه وذقنه وسيفه واسمه ورسمه ولسانه وحلمه ليحكم عليه بالإعدام ولا عزاء لإخوان الظلام، ورحمة ونورا على ذهبى الفكر الشيخ الشهيد محمد حسين الذهبى الذى منحه السادات وسام الجمهورية من الطبقة الأولى بعد وفاته مباشرة، ومنحه مبارك نفس الوسام فى إطار تكريم علماء الدين عام 1990، وهو العالم الذى دعا فى نهاية القرن الماضى إلى تجديد الفكر الدينى بتنقية كتب التفسير من الإسرائيليات: «إن أكثر كتب التفسير قد حسن ظن المسلمين بها فتلقفوا بالقبول كل ما فيها، وبعضه مما يفسد عقائدهم ويشوش أفكارهم وعذرهم فى ذلك أنها لاتزال تدرس إلى اليوم فى الأزهر الشريف وغيره من الجامعات الإسلامية».. «وعلى المفسر إعمال العقل فى التراث الفكرى والدينى، وأن يكون يقظا إلى أبعد حدود اليقظة، وناقدا إلى غاية ما يصل إليه النقاد من دقة وروية حتى يستخلص من هذا المركوم من الإسرائيليات ما يناسب روح القرآن الكريم ويتفق مع النقل الصحيح والعقل السليم»..


الذهبى الذى أصدر كتابه «التطرف» عن العنف والإرهاب انتقد فيه تسمية «الإرهاب الدينى» قائلا ما نصه: «إن الدين ليس فيه إرهاب لأن رسالات السماء دعت إلى التسامح والتعاون بلا إكراه ولا سيطرة على البشر، والإسلام أعلن ذلك صراحة فى قوله تعالى (لا إكراه فى الدين) وقوله (لكم دينكم ولى دين) وقال لرسوله (لست عليهم بمسيطر).. وعندما صدر الكتاب جمعته جماعات الإرهاب من الأسواق، فقام الشيخ بطبعه ثانية وتوزيعه على قيادات المفكرين والإعلام، وبدأ الرأى العام يردد أقوال الذهبى ليضع التطرف خطة الاغتيال لعالم الدين الجليل الذى أريق دمه هدرا بعدما ساقوه حافياً مكبلا فى جلبابه الأبيض الطاهر

ليس هناك ما اضيفه سوى حسبنا الله ونعم الوكيل 

       لكم منى  الاحترام والتقدير ولمصر الحب كله 
                        عربى السمان 

ليست هناك تعليقات: