المشاركات الشائعة

الأربعاء، مايو 06، 2015

( 685 ) رحيل آخر اضلاع المثلث عن دنيانا الابنودى

صدر العدد الاول فى يناير 2015


  اصدقائى الاعزاء
 بانتقال عبد الرحمن الابنودى الى الرفيق الأعلى انبرت الاقلام تتحدث  والرواة يحكون ما عندهم عنه  ومتعة القراءة هنا تتجلى بكل معانيها .وتقرأ لفلان وفلان فنزداد معرفة بالرجل وتُحن الى الماضى كيف كان وكيف نال شهرته انها لحظات جميلة  صافية واننى هنا اقدم لكم مقالا اعجبنى للكاتب والسيناريست عبدالرحيم كمال
من هو عبد الرحيم كمال؟ (عبد الرحيم كمال ( 30 أكتوبر 1971- ): سيناريست وقاص وروائي مصري.
ولد عبد الرحيم كمال بالعيساوية شرق . محافظة سوهاج, وتخرج في المعهد العالي للسينما قسم السيناريو عام 2000 وقد تم نشر بعد الروايات التي ألفها منها (رحلة إلى الدنمارك وبلاد أخرى) وله مجموعتين قصصيتين ورواية وقد تمكن عبد الرحيم كمال من إيجاد كتابة الأعمال التي تصف الأجواء في الصعيد المصري لطبيعة مكان محل ميلاده بسوهاج وقام بعمل سيناريو شيخ العرب همام والخواجة عبدالقادر  وغيرها
الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال 

أولاد القمر والنيل

نقل الابنودى التراث السجين الى رحابة المدينة الكبرى.


عبد الرحمن هو القادر على التشكيل واللعب بالكلام بلهجاته وكأنه يسخر ايضا من العاصمة

عبدالرحيم كمال
حمل القطار الثلاثة من الصعيد ووصل بهم الى العاصمة، شاعر العامية عبدالرحمن الابنودى وشاعر الفصحى أمل دنقل والقاص يحيى
الطاهر عبدالله، ثلاثة احلام كبار تتمنى التحقق فيقصف الموت القاص قبل ان تكتمل قصصه البديعة و قبل ان تزدهر (ازهار العالم) ويموت فى حادث أليم تاركا جبلا من (الشاى الاخضر) وطوقا يخنق الحلم واسورة فى معصم الامل، هو نفس الامل الذى انتهى بأمل دنقل فى (الغرفة ثمانية) فى المستشفى مع اوراقه، بينما يكمل الابنودى رحلة الحلم الى العام السابع والسبعين ليحقق حلما كبيرا حلم، ان يصبح الموهوب نجما لامعا فى عاصمة كالغول،

ان يصبح صاحب اللهجة الجنوبية احد من اثروا فى لغة ولهجة العاصمة وشخصيتها، تتغنى القاهرة ونجومها باغانيه عبر اهم واشهر اصواتها فيحمل عبدالحليم حافظ كلماته على حنجرته الحزينة ويطير محمد رشدى باغانيه الريفية الى سلم المجد ويركب على الحجار على فرس الدراما باشعار الابنودى فتبكى بيوت العاصمة مع احزان الصعايدة وتزغرد مع افراحهم وتصبح الربابة والمربعات والمزمار اشياء مألوفة لدى القاهريين بعد ان كانت فولكلورا محبوسا وخاصا باهله، ينقل ثقافة باكملها من الجنوب للشمال ويثأر من العاصمة لموت رفيقيه ويصحب جابر ابوحسين بربابته الى ميكروفون الاذاعة ليسجل السيرة الهلالية فيصبح جمهور السيرة هو ملايين المصريين والعرب بعد ان كان جمهورا محدودا لعدد من الرجال الجالسين على الكنب فى القرى يستمعون للشاعر ويتوحدون مع ابى زيد الهلالى والزناتى خليفة بينما النسوة على الاسطح يتطلعن ويصخن السمع الى حامل الربابة الذى يمر بالقرية مرة كل عدة شهور، لقد نقل الابنودى التراث السجين الى رحابة المدينة الكبرى.
شاعر الفصحى امل نقل احد اضلاع المثلث القنائى 
***الكلمة لديه حاضرة قريبة، شعراء كثيرون افردوا قصائد لوصف ضحكة الحبيب ولكنه فى بساطة وبداهة يذهل الجميع حينما يصف محمد رشدى حبيبته (عدوية) التى سلبته رشده ورشدنا معه فيقول عن ضحكتها فى اسرع وصف (ضحكتها نهار)، كان على عبد الحليم حافظ وهو على قمة عرش مصر الغنائى ان يجرى ليلحق بهذا الصاروخ الجنوبى الذى يصل الى هدفه بدقة ليستنجد به وبلهجته وبتراثه وبفولكلوره فكانت (انا كل ما اجول التوبة) لكن الابنودى يرفض ان ينحصر شعره وموهبته فى ذلك التصنيف الجغرافى الطبقى ليقسم الفنانين الى فنانين صعايدة وآخرين اسكندرانية فى تحيز قاهرى مركزى عجيب ويكتب الاغانى العاطفية القاهرية التى تجعل القاهرة تنصت اليه فى احترام وادب ليصبح الابنودى شاعر مصر بجنوبها وشمالها القادر على كتابة احضان الحبايب بلغة العواصم وكأنه يعاتب المدينة، مذكرا اياها بأن قلبه مازال بلادا غريبة تضيئها شموع موهبته. 
كان فارسا من فرسان ثلاثة اقتحموا العاصمة التى تحلم بالثورة وحلموا معها بها. الثلاثة قدموا من قنا التى كانت بالنسبة للعاصمة المركزية مكانا لعقاب الموظفين ونفيهم ليتم تعذيبهم هناك بقلة الخدمات وشدة الحرارة فأتى الفرسان الثلاثة محملين بحرارتهم يمنحون العاصمة خدمات من ارواحهم ومواهبهم ويدخل الابنودى المعركة بكامل ساحتها يحارب ويغازل ويهادن ويغنى محافظا على خيوط نجاحه المتعددة؛ صاحب الاغانى الارق والخيال الاقوى وصاحب ايضا الاغانى الخفيفة والتترات، هو موهوب موهبة تتيح له ان يخلد النكسة بأحزن الكلمات واصدقها جاعلا النهار يمر بينما المغربية تتخفى حزنا وخجلا خلف ظهر الشجر وقادرا ايضا على ان يسخر من متغيرات المجتمع وانهياره وابتذاله ووقوعه فى فخ الاستهلاك والشكلانية.
امير شعر العامية
عبد الرحمن الابنودى آخر اضلاع المثلث رحيلا 

وعبد الرحمن هو القادر على التشكيل واللعب بالكلام بلهجاته وكأنه يسخر ايضا من العاصمة ، العاصمة التى احترق فيها صدره بفعل السجائر ففر منها بالباقى من رئتيه الى الاسماعيلية بعد ان وضع فوق العاصمة رايته. لم يعد يستهويه الصراع، لم يعد بحاجة الى مزيد من العراك والشجار مع المدينة التى حلم بها، أدركها وأخذ غايته منها واخذت هى غايتها من رئتيه، منحته النجومية ومنحها الشعر والغناء والتهمت جزءا عزيزا من جسده. هكذا كانت المعركة التى خاضها ليستقر بين حدائق المانجو والهواء النظيف فى بيت بناه لنفسه، بيت يجمع بين بساطة قنا وعصرية القاهرة، يريد ان يستريح فى ظلال مكان يجمع بين العدو والصديق مكان يشبه القاهرة وقنا، هكذا سيستريح الشاعر، وهنا سيرقد وهنا سينتظر الاحباب ومن اراد ان يزوره فليأت اليه ليعرف الزائر ماذا قطع المزور من رحلة شاقة، فهذا هو طبع المحبة لمن مات على الاسفلت وذاق شيئا من الخوف وعرف ما هى الاحزان العادية، مات الفارس وبين جوانحه الفارسان السابقان اللذان رافقاه فى الرحلة الاليمة. ستجد فى عامية الابنودى فصحى امل دنقل وقصص يحيى الطاهر عبدالله لقد امتزج الثلاثة فى الواحد الذى اكمل العمر والمسيرة وعوض لهما قصر العمر وقلة الظهور الاعلامى وكان عبدالرحمن الابنودى النجم الاشهر على الاطلاق وصلت نجوميته الى سطوع غير مسبوق ، وظهر آلاف المتشبهين بالابنودى عبر السنوات الطويلة الماضية لكنه ظل ابنودى واحدا هو الاشهر والاكثر لمعانا.

لمبه سهارى 
 قالت عنهم الكاتبة سماح ممدوح 
الكاتبة سماح ممدوح 

عاش الرفاق الثلاثة كأنهم توائم لا ينفصلون أبدًا، حتى أنهم عُرفوا على الساحة الأدبية المصرية وفى الحياة العامة أيضًا بأنهم مثلث لا يصح فصل أحد أضلعه أو رؤية أحدهم دون الآخرين.. "أمل دنقل، يحيى الطاهر عبدالله، عبد الرحمن الأبنودي".) 

  لكم احترامى وتقديرى ولمصر الحب كله

عربى السمان

  

ليست هناك تعليقات: