صدر العدد الاول فى 16 من يناير 2010
قبل الفرار
الكاتب الصحفى محمود الجمل |
الاصدقاء الاعزاء
مع الكاتب الصحفى محمود الجمل ومقال جديد عن السويس وذكريات السويس
كتب محمود الجمل :
عندما
تصبح الأجواء بارده والرياح تقصف بك والأمطار تهطل وانت بلا مظله تحميك من البلل , وقلبك متيبسه
جدرانه , وانفاسك تتحشرج , وخطواتك متثاقله , والشوارع التي تعودت السير بها باتت
متربه ,
وجدران الأبنيه المرتفعه أخذت في البهتان ,
مبنى المساجيرى |
والأصدقاء الذين تعودت رؤيتهم
باتوا موزعين في المنافي , هنا اذا جبنت عن محاولة الهروب من مدن الغبار والحواري
المتربه , ليس من حقك الشكوي , تصبح الدموع المنساله علي الوجنات لاتعبر عن لحظة ضعف بشري يمكن استيعابها
, بل ستصبح دليلا
علي انك رجل استمرأ الخور , وركن الي الحكايات القديمه يلوكها كما يلوك العجين المختمر .
حسين العشى |
تبدأ خطط فك الإرتباط بتوديع البحر , بداية من الخُور القديم , حيث
كانت تذهب بي جدتي لكي نشتري الأسماك الصغيره
وبعض الكابوريا , لم تكن الحرب قد نشبت بعد , , كانت الفلايك الصغيره تأتي
من الخليج ثم ـــ تتراكى ــ علي الرصيف المواجه لمبني " المساجيريه "
وقصر " محمد علي " وكانت خمسة
قروش كافيه للحصول علي " شروة "
سمك معتبره .
المهندس محمد طايع |
ثم
علي ان اذهب الي الكورنيش الجديد , مابين
الكورنيش القديم الذي كان يواجه مبني المحافظه وبعد العمارات العتيقه والجديد تم دفن ذكريات
السوايسه وحكايات البحر تحت ركام المنازل القديمه , عبث الأطفال وحكايات
العشاق
ومحاولات صيادي القواقع لجمع اكبر كم من " البكلويز " ,
عبد الناصر مصطفى |
وكازينو ركس , حيث كان يحلو للبمبوطيه وتجار
مخلفات السفن وبعض البحاره السهر به
, حيث كانت " الجعه " هي المشروب الرسمي واطباق " السيرديا واللوجز " هي المشهيات
المفضله علي الموائد المنسجمه واصحابها
المعانقين للريح .
عبد الغنى السمان |
اما
البيوت القديمه , فسوف تخلو بالتأكيد من منزلنا القديم بشارع جرجا بمنشية جليدان ,
بعد ان بعناه وتم هدمه وقام اصحابه الجدد
ببناء منزل جديد بالخرسانه المسلحه والطوب الأحمر , بعد ان كان
منزلا قائما علي جدران حجريه واسقف من الأعمده الخشبيه , ذهب وذهبت معه كل
الذكريات المدهشه , امي رحمها الله منذ زمن طويل
, رحلت قبل ان اكمل عامي العاشر , جدي " عبداللطيف " الذي ذهب بي عبر حكاياته اليوميه للعصور القديمه , سكب في اذني معارك عنتره وحمزه البهلوان وغزوات الصحابه ,
كان يحكي الي ان يجتاحني النعاس , كان
حكاءً لايًشق له غبار , وعندما رحل عام 80 , ادركت ان مسيرة الحزن بدأت برحيل
" الجمل الكبير " .
كورنيش السويس |
لم
يكن البحر الكبير الممتد ولا جبل
عتاقه المتشامخ ولا حلقة السمك القديمه ولا مدرسة "
البريتش سكول " قبل نكسة 67 ولا جامع
الشهداء ولا مقهي " نيو سوريا "
ولا مطعم " رواش " ولا حتي الأنديه الصغيره التي كنا نذهب اليها لكي نتريض او نقضي بعض
الوقت خارج تفاصيل المعاناه اليوميه . فقط لم تكن الأشياء هي وحدها التي
تربطنا بالمدن , انهم البشر , ننشغل
بالحكايات , ونظل سنوات ننتظر لحظات البوح , فقط هي احاديث الرجال القادره علي
تبديد الغيوم .
عندما
تصبح المدينه خاليه من الراحلين الذين
طالما اشعلوا النيران في الحطب الجاف لكي يتدفأ الجميع , الحاج
عبدالعظيم المغربي والمهندس طايع والاستاذ عبدالغني السمان وصديقي الساخر الشاعر محمود عبدالواهب والسياسي
الموهوب د. حسين سمير والحاج احمد هلال والمؤرخ حسين العشي وصديقي المثقف المهزوم
محمد الشرقاوي والنائب عبدالناصر وعم كمال
صبيح والاستاذ محمود رياض . عندما تخلو المدن من الحكماء يصبح أمر الرحيل عنها
واجبا .
اخر الكلام :
والله
انتٍ أحبُّ البلاد اليّ , ولولا ان أهلك أرهقوني
ماخرجتُ .
لمبه
سهارى
فى
العدد القادم القاء الضوء حول مشروع الادارة المحلية المقدم من الحكومة والذى
شيناقشه المجلس فى جلسة يوم 2 من يناير 2017
فى اطار حوار من النائب محمد المصرى
اصدقائى الاعزاء
لكم تقديرى واحترامى ولمصر الحب كله
العربى السمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق