صدر العدد الاول فى 16 يناير2010
حالة تربص .
الكاتب الصحفى والخبير البرلمانى محمود الجمل |
عندما يتم اختزال مشاركة وزير
الخارجيه المصري " سامح شكري
" في تشييع جنازة شمعون بيريز-
احد كبار امراء الحرب الاسرائليين عبر تاريخ الدوله العبريه المخضب بدماء العرب
والمسلمين – فقط في ملامح وجهه , وتفسير تجهمه
البادي بأنه كان حزنا عارما علي الراحل غير العزيز , وهو تفسير متعسف لايراد به وجه
الله ولا الحقيقه . فبيريز لاتجمعه يقينا حالة
مصاهره مع شكري , كما ان الرجل يمكن ان يكون متوعكا او يعاني من حالة تقلص معدي او معوي تجعله خارج اللياقه الجسديه
, فيخيل للمتربص ان الوزير الذي ذهب معزيا في وفاة رئيس دوله تجمعنا معها علاقات دبلوماسيه
واتفاقية سلام ممتده منذ اكثر من ثلاثة عقود ونصف
, قد استبدت به الام الفراق فكاد ان يبكي وهو من هذا الفعل براء .
القضيه ليست في اداء واجب بروتوكولي هو
بالتأكيد ليس مرغما علي ادائه , فالرجل ليس " محمد ابراهيم كامل " وزير الخارجيه
المصري المحترم الذي قدم استقالته من منصبه وهو في " كامب ديفيد " اعتراضا
علي ماسماه هو بتفريط السادات في ثوابت قوميه والموافقه علي ابرام معاهده تخرج مصر
من معادلة الصراع المتكافيء مع اسرائيل وتجعل من فرص الحرب من اجل استرداد باقي الأرض
او المشاركه في الدفاع عن اراضي دول عربيه
اخري تجمعنا معها اتفاقيات دفاع مشتركه مسأله خارج التصور , وتحيلنا الي دوله تابعه
علميا ترسل بابنائها في دورات تدريبيه
علي اساليب الزراعه الحديثه " زمن يوسف والي " وتابعه امنيا " تصفية سليمان خاطر بالسجن والحديث عن انتحاره
" .
القضيه اننا وقفنا عند الشكل وانشغلنا
بالمبارزات الكلاميه وملامح الوزير الحزين
ولم نفكر بجديه في الرجل قد يكون في حالة معاناه من " امساك مزمن " او ان
وجعا مفاجئا بالمراره قد حل به فجأه .
حالة التربص هذه ليست الأولي
, فقد كان الخطاب الموقع من الرئيس المدني المنتخب " محمد مرسي " والمرسل
الي رئيس الدوله العبريه " شمعون بيريز " تتصدره عبارة " عزيزي بيريز " وبعيدا عن ان هذا الاستهلال البروتوكولي قد لايكون معبرا عن اي حالة من حالات الاعتزاز وانه
مجرد نص روتيني اعتاد من يقومون بتحرير الرسائل والمكاتب الرسميه ان يصدروا به عناين
المخاطبات , الا ان هذا النص كان من بين النصوص
التي احتسبت علي" الرئيس مرسي "
وصار الهجوم عليه هادرا , والحقيقه ان بعضا من المسئوليه تقع علي عاتق الرئيس وفريق
عمله , وماكان لهذا الاستهلال ان يمر , الا ان من نجحوا في تمريره ارادوا الكيد للرئيس
وقد نجحوا .
وبالتالي نحن نعيش حالة من التربص العام
, تحولنا كمصريين الي فرق واشياع , فرق تري في نفسها انها امتلكت كل آبار الحكمه وان
افرادها فقط هم الذين يشربون من مياهها , وفرق
اخري تري في اّبار هؤلاء مجرد مصارف ليس
بها سوي الماء الاّسن .
هذا التقسيم الجائر وتحول المصريين الي
جزر منعزله وشيوع عبارات مثل " نحن الساده وهم العبيد " ورغم ان عباره
اسنه مثل هذه انتهت بصاحبها الي واحده من الغرف الخلفيه المهمله للتاريخ بعد ان كان
يزأر متصورا نفسه قائما الي الأبد واذا به يهوي بلسانه الي اسفل سافلين . الا ان حتي
هذه اللحظه وبعد مرور اكثر من عامين علي " حركة 3 يوليو " لم يشعر معظم المصريين وخاصة ممن يعيشون عند حد
الكفاف او تحت خط الفقر بقليل , ان النظام الجديد نجح في ان يحسن من اوضاعهم بشكل جاد
, مجرد تحسن تدريجي ولانقول جذري . بل يشعر
هؤلاء وهم الأغلبيه ان ادارة " 3 يوليو " تستسهل وضع اياديها في جيوبهم , وبل لاتتورع هذه الاداره من ان تبشرهم باجراءات
اقتصاديه قاسيه علي غرار ماتم في يناير 77
وادت الي فوضي عارمه بالبلاد . ولذا
كان لابد من التصريح بأنه يمكن الامساك بزمام الأمور
في قرابة " ست ساعات " اذا خيل للبعض
انهم بإمكانهم الخروج عن الشرعيه او ابراز مظاهر حاده للاحتجاج .
يبقي القول بأنه
" ويل للمتربصين " فالحاله المصريه باتت مستعصيه , وماكان ينكره البعض من تعريض برئيس
سابق , اصبحنا نراه صبح مساء مع رئيس حالي . ورغم ان الرجل ينتمي الي مؤسسه هي الأقوي
يقينا في البلاد , الا ان هذا لم يمنع الالاف
من التطاول والسخريه والتقاط عبارات عفويه يتم بعدها
صنع منصات اطلاق صواريخ .
قد نختلف مع الرئيس , اي رئيس
, لكن لابد من وضع حدود لمخاطبته , فقط لأنه
يجب ان يظل حكما بين الفرقاء , لكن اذا قررنا ان نتعامل معه باعتباره
لاعبا يعدو في الملعب ولامانع من مخاشنته , علي من يؤمن بهذ ان يتحمل تبعات المخاشنه
.
محمود الجمل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق