صدر العدد الاول في يناير 2010
اختلافنا مُدَمّر واختلافهم مُعَمّر وانتقادنا
لذاتنا عيب
هل كل الناس يؤمنون بالنفس
اللوّامة ؟
لاعلاقة ابدًا بين الاهتما م بأعمال
اى انسان وسلوكه الشخصى
هناك
سؤال يحيرنى ، مثل اسئلة كثيرة محيرة فى بلادنا المحروسة. لماذا تبدو كل شعوب العالم
افضل منا تحضرًا و عقلانية فى حوارها واختلافها وتنوعها، بينما نزداد نحن ضيقاً بآراء
بعضنا وغباء وحمقًا فى اختلافنا و تخوفا
وريبة من تنوعنا؟ والعجيب أنه مع انتشار الثقافة و التعليم والانفتاح ( الذى ادخله
السادات ) على مصر كان من المفترض أن تصبح ممارسات الحوار والاختلاف
والنقد الذاتى فرصةً لمراجعة أنفسنا وتصحيح أخطائنا لكنها أصبحت أسباباً تزيد من عنادنا وانقسامنا.
فنحن
نمقت ونكره أن يخالفنا فى الرأى أو ينتقدنا أحد لكن الغريب والمدهش ان شعبنا يبدو مسرورا بعدم الاهتما م والسلبية وكأن الأمر لا يعنينا ( الموضوع مش تبعنا ) . وفي أوقات يصبح الواحد منا
شرسا وقاسيا لو سمحت له الظروف إلى حد القسوة و البذاءة فى انتقاده لمن يختلف عنه
لدرجة اتهامه بالخروج عن المِلّة . اصدقائى ما هو الحل والى اين الملجأ ؟!
رئيس ا لسودان عمر البشير وعلى يمينه سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان |
ولو أعطيتُ لذلك مثلا ببلد اوربى يقال ان العرب
لهم الفضل فى اكتشافها ( اسكتلندا ) تحتكم منذ فترة إلى استفتاء شعبى ومتحضر لحسم
خلافها مع بريطانيا ورغبتها فى الانفصال عنها وكانت رغبة عند عدد غير قليل من
سكانها إلا انها وكما قلت مرت بسلام لانهم
قوم متحضرون . لكن فى بلاد العرب تجاوزت تكلفة عملية انفصال الجنوب السودانى عن شماله
المليون قتيل وأربعة ملايين نازح بعد حرب أهلية
ابرزما فيها اغتيال جون جارانج زعيم الجنوب انتهت باتفاق نيفاشا للسلام فى عام 2005. ولم يكن هذا الاتفاق فى الواقع سوى نتيجة
لضغوط دولية هائلة مورست على السودان ( سودان البشير ) وليس بفعل ممارسة ديمقراطية متحضرة تحل خلافاتها
بالعقل لا بالدم. انظرمعى ايضًا الى اعداد
الضحايا فى الحروب الأهلية العربية فى العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان والجزائرفهى
دلائل أخرى على عمق أزمة الحوار فى بلاد العرب
وكأنى بهم قد اتفقوا على الا يتفقوا .
جون قرنق دفع حياته ثمنا لانفصال الجنوب السودانى |
( و ) واذا
انعكس ذلك فى بانوراما محلية على السويس
فاختلافنا ليس له مردود ثقافى اوعلمى فتجد الاهواء والمصالح الشخصية تأخذ
طريقها نحو بث الفرقة والتنابز بين ابناء الهدف والمصير الواحد فمثلا اذا اخطأ مسئول تنفيذى فلا نكتفى
بتحويله الى القضاء وهو الجهة التى يؤمن الناسُ جميعهم بأنها المنوط بها معاقبة
الفاسد والمجرم فلا يصح ان نُجرّح فى هذا
الشخص ونمثّل بجثته قبل حكم القضاء ( تجد السياط والشباشب والنبابيت نزلت على رأس صاحب هذا الرأى ) جزاء وفاقا على ماقال ويزيدون
على ذلك باتهامه بالعمالة والموالاه للفاسدين .
قتال السنوات الطويلة المريرة في الجنوب يدفع ثمنه هؤلاء |
اصدقائى الاعزاء :
أزمة أخرى اقصد أزمة النقد الذاتى. هل يستطيع أحدُنا ان يجلس مع نفسه وينتقدها ( يسميها القرآن النفس الّلوامة ) فلا شك أننا نهرب من ممارسة النقد الذاتى ونكاد نعتبره عملاً شائناً أو غير وطنى أو مخالفاً للدين والأخلاق.
يتحمس الكثيرون لنقد الآخرين لكنهم يعتبرون أن النقد الذاتى لأنفسهم أو لمؤسساتهم أو
لزملاء مهنتهم مما يخالف الأصول والأخلاق والتضامن مع من ينتمون اليهم . لهذا من النادر
أن ينتقد صحفى تجاوزات الصحافة ( نشر
الاخبار الكاذبة والاحاديث المفبركة على سبيل المثال ) ، أو ينتقد قاض آليات عمل القضاء،
خريطة جنوب السودان بعد الانفصال باللون الاخضر |
أو يجهر موظف حكومى بوقائع فساد فى مصلحته المهنية ( الرشوة مثلا ) ، أو يرفض طبيب
ممارسات طبية غير مشروعة فى مجال مهنته (
سرقة الاعضاء مثلا ) . نظرتنا الى مهنتنا أو مؤسستنا هى نظرة قبلية بحته . والعقلية
القبلية لا تخلو من عنصرية. وأبناء القبيلة لا يعرفون غير مدح قبيلتهم وهجاء القبائل
الأخرى وخاصة فى الانتخابات أيًّا كان وضعها وقد يُجمع الناس من خارج القبيلة على
شخص لائق لتمثيل القبيلة .
من غير اللائق فى ثقافة البعض ممارسة النقد الذاتى لمؤسسته أو لبنى مهنته. نحن
بهذه النظرة نخلط بين الأخلاق فى مفهومها الصحيح
وبين التعصب المهنى المكروه . ونضحى بالصالح العام للوطن كله من أجل مصلحة مؤسسة أو مهنة أو جماعة
أومصلحة شخصية .
الفنانة الراحلة صباح |
والغريب
ان الكثيرين من ابناء بلدى بعيدون عن فهم
حديث ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت ) بالفهم الخطأ على ان
من راى المنكر او الفساد ونسوا ما قبل
الحديث وبنفس الايمان فى قوله صلى الله
عليه وسلم ( فيقل خيرا او لصمت . هؤلاء اتباع ( ياتقولك كلمة حلوة يا تسكت ) ( كل عيش يابا ) هؤلاء اخذو النصف الثانى ونسوا فعل الامر فى
قوله فليقل خيرا فزاد
الوباء المسمى بالفساد انتشارًا وثقة فى نفسه حتى ظن اى الفساد الن يقدر عليه أحد.
.
*** لا احب اختلاط الامور ببعضها وهناك مثالان
صارخان فى المجال الفنى فقد اعترض البعض على الاحتفال والحفاوة والاهتمام الذى
قابل به الراى العام موت الفنانة صباح ، فالاهتمام هنا يختص بما قدمته هذه الفنانة
من اعمال فنية طوال مشوار عمرها الفنى الطويل لدرجة انها كما قال احد النقاد ادخلت الابتسامة فى البيوت المصرية والعربية
باغنياتها التى لحنها لها كبار الفنانين اما سلوكها فهذا شأنها سواء الدينى وهذا
يحاسبها عليه الله او اجتماعى وهذا شأن آخر يدخل فى بابا الحريات طالما انها لم
تئذِ احدًا .
شاعر الفقراء والمساكين احمد فؤاد نجم |
وايضا مرور الذكرى الاولى لوفاة الشاعر
احمد فؤاد نجم شاعر الغلابة والمساكين
فكلاهما له سلوك خاص به لا يتفق مع سلوك العامىة من ابناء الشعب ولكن الاهتمام بما
قدمه من ادب وشعر والغريب ان مشوار حياة
نجم ملىئ بالمنغصات والمصائب فقد هجا وانتقد جميع الرؤساء السابقين وادخلوه السجن
ومع ذلك يوم وفاة احدهم ( الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ) الف قصيدة
عن وفاته كلها شجن وتمجيد بالزعيم وكان ان دخل السجن بسبب قصيدة عن 67 وهزيمة
يونيو حزيران وفيها اذكر انه قال نسينا
اننا احرار ، اظهر فنأ أُعجب به الناس وظلوا معجبين به حتى وفاته .
لكم منى تحياتى
ولمصر الحب كله
عربى
السمان
. .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق